إلي رحمة
الله
6– الأديب
السعودي العصامي
الأستاذ عبد الله نور رحمه الله تعالى
1357-1427هـ
= 1938-2006م
لقد غَيَّبَ الموتُ – الذي يُغَيِّبُ كلَّ صغير وكبير – أحدَ رموز الأدب العربي الكبار السعوديين، وهو الروائي الناقد الأديب الأستاذ عبد الله بن محمد نور ، الذي وافته المنية بمستشفى الإيمان بمدينة الرياض إثر جلطة دماغية تعرّض لها عندما كان يمشي بأحد شوارع الرياض ، نُقِلَ بعدها إلى المستشفى وبَقِيَ به يُعَالَجُ ثلاثة أيام ، حتى لفظ أنفاسه الأخيرة يوم الاثنين 17/ ربيع الثاني (بالتقويم السعودي) 1427هـ الموافق 16/ مايو 2006م . فإنّا لله وإنّا إليه راجعون . وصُلِّي عليه بعد صلاة عصر الثلاثاء 18/ ربيع الثاني 1427هـ بجامع الراجحي بالدائري الشرقي بالرياض ، ودفن بمقبرة النسيم بالمدينة .
قد
كان الأديب الأستاذ عبد الله نور قامةً أدبيّةً فارعةً في المملكة العربية
السعودية . ولم يُحَصِّل التعليم بشكل رسمي إلاّ للمرحلة الثانوية ؛ ولكنه كان
يتسم بالعصاميّة ؛ فصنع نفسه بنفسه ، والتهم المعارفَ بأنواعها ، وتخصّص في دراسة
الأدب والنقد ، والتقط كلَّ نوع من علوم اللغة العربية وحذقها حذقَ العبقريّ الذي
يحالفه التوفيق فيُخَرِّجه نابغًا . وكان قد أوتي من ربّه الكريم حافظة قويّة ،
وذكاء لقّاطاً ، إلى خفّة روح ودعابةِ طبيعة ، فأصبح يحفظ كثيرًا من الشعر العربي
، والطرائف الأدبية ، والنوادر النقديّة ، والقضايا العلمية ، والمحفوظات المعرفية
، التي كان يحسن التصرّفَ معها في المجالس والمكاتب ومواضع العمل التي كان يجمع
بينه وبين الإخوان من المثقفين والشعراء والأدباء والكتاب وعامّة العاملين معه في
حقل من الحقول ؛ فينهال عليه المحبون ، ويحاصره المُعْجَبُون ، ويزدحم عليه المتشوّقون
لتندراته اللغوية، ونكاته الأدبية التي تشمل نواحيَ الحياة البشريّة ، التي كان
يثريها بكنزه العلمي ، واطلاّعاته الواسعة، ومحفوظاته التي تكاد لاتنفد مهما
أنفقها .
كان
يتّسم الأديب عبد الله نور بقوة الذاكرة وكثرة الحفظ ،وحضور البديهة ، وسرعة
الذهن: الصفات الأصيلة التي كان يزيدها جمالاً على جمال عصاميتُه الواقعية وتخرجه
في بطون التراث ، وانزوائيته التي آثرها نمطاً في حياته يعيشها على ما يهواه لاكما
يهواه محبّوه .
وقد
صدق الأديب الكبير الأستاذ علوي طه الصافي عندما قال عن هذا الأديب العصامي في
زاويته في «المجلة
الثقافية»
بعنوان (هؤلاء مروّا على جسر التنهدات) والتي صدرت ضمن كتابه(هؤلاء مروّا على جسر
حياتي): «ظلم
نفسَه فظلمه الآخرون .. ظلم نفسه لأنه لم يختطّ لأدبه ونقده مسارًا متصل المراحل ؛
فهو كمثل «قوس
قزح»
يطلّ على قرائه فترة قصيرة ، ثم يختفى لسنوات ، حتى يكاد مجايلوه ينسونه ، ثم يطلّ
بعدها ويختفي .. وهكذا دواليك !! وظلمه الآخرون كنتيجة لظلم نفسه ونتيجة تواريه
خلف عزلته الذاتية التي ربّما يرتاح لها ؛ لأنّها تمكنه من القراءة على مزاجه دون
أن يشعر بأنه مُلُزَمٌ أو ملتزم بالكتابة المستمرة ، متناسيًّا أن الناس نَسَّاؤُون
، وأن مجتمعنا كما يقول عنه أستاذنا الزيد : إنه «مجتمع
دَفَّان»!!
(انتهى مقال الأستاذ الصافي) .
ورغم
ذلك كان رحمه الله محفيًّا من قبل القادة والمسؤولين في المملكة ، يقول الأستاذ
الكاتب عبد الرحمن الأنصاري في مقاله عنه بعنوان : (إن غاب «النور»
فلن يغيب ضياؤه) في جريدة «الجزيرة»
الرياضية : العدد 12287 الصادر يوم السبت 22/4/1427هـ = 20/ 5/ 2006م :
«وإنّي
هنا لأسجّل حقيقةً للتأريخ الذي لايحابي و لايجامل ، وهي : أن للفقيد الغالي
الكبير الأستاذ عبد الله نور ، قبولاً لدى علية القوم وأولي الأمر في بلادنا ،
وأنهم لم يكونوا ليتأخروا في الاستجابة لأي شيء يطلبه منهم ؛ ولكن طلباته تلك هي
التي تتأخّر عنهم .. وذلك ما يجعل الكثير من الحياة غير المنتظمة على المعهود ،
التي كان الفقيد يحياها في بعض مراحل حياته ، أمرًا اختياريًّا ارتضاه الفقيد
ليكون نمطاً حياتيًّا ارتاح إليه وارتضاه لنفسه ولفنه ولحياته».
كان
الأديب الناقد الأستاذ عبد الله نور له وقع كبير في عمق المجتمع الأدبي والوسط
الثقافي السعودي يشف عن ذلك ما رثاه به شعرًا ونثرًا وما وصفه به الأدباء البارزون
والكتاب اللامعون في المملكة ، فوصفوه بـ «رمز
الفكر والتنوير»
وبـ«ذاكرة
الوطن»
وبـ«أديب
قوس قزح»
وبـ«المبدع
الأسمر»
وبـ«الناقد
الحادّ»
وبـ«روّاد
النقد في المملكة» وبـ«نتاج
التراث وأثير الحداثة»، وبـ«صاحب
المجد الأدبي»
وبـ«التقليدي
بكل الأصالة»
و«الحداثي
قبل أن نعرف الحداثة» .
سيرته
الذاتية
·
هو
عبد الله بن محمد بن عبد الله بن فراج نور.
·
ولد
بمكة المكرمة عام 1357هـ/ 1938م .
·
درس
عامًا واحدًا بمكة المكرمة في مدرسة «الفلاح»
.
·
درس
الثانوية العامّة في المعهد العلمي بالرياض، ولم يكمل دراسته النظامية لانشغاله
بكرة القدم.
·
ودرس
على أيدي مجموعة من المشايخ ، فقرأ على حمد الجاسر علم الأنساب والسير، وقرأ على
محمد الشريدي وعبد العزيز بن عبد الله بن باز وعبد العزيز بن إبراهيم . كما قرأ في
حلقات المساجد . إلى جانب ما يواصله من غشيانه «نادي
الرياض العلمي»
ويستمع فيه للمحاضرات التي يلقيها الأدباء والمثقفون . ودرس النحو على الشيخ
السويلكي ، وعلم الأصول على الشيخ عبد المنعم النمر .
المشوار
العملي
·
عمل
في العديد من الدوائر الحكومية .
·
عُيِّن
مديرًا لتحرير مجلة «اليمامة».
·
ومديرًا
لتحرير جريدة «الرياض»
.
·
كتب
الأبحاث والمقالات والخواطر في الصحف السعودية .
·
شارك
بالمحاضرات في الندوات الأدبية المنعقدة بالأندية الأدبية والجامعات وفي المواسم
الثقافية.
·
وبرز
روائيًّا وناقدًا .
·
له
العديد من الدراسات في النقد والتراث والشعر والقصة .
·
رأس
وفد المملكة الأدبي إلى مهرجان شباب الأمة الذي عُقِدَ في العراق عام 1405هـ /
1985م .
مؤلفاته
:
معظم
مؤلفاته لاتزال تنتظر الطبع
منها
:
1-
ايقاع التفعيلة (بحث).
2-
بذور الثعبان الضوئية (رواية).
3-
الرواية السعودية (بحث)
4-
الزكام في الذاكرة (دراسات وأبحاث).
5-
قبيلة عنزة قبل الإسلام (بحث)
6-
لهاث الشمس .
7-
مدائن .
8-
وجه بين حذائين .
9-
الوجود الجنسي في اللغة .
10-
نون القرآن الكريم (بحث) .
أولاده
خلف
وراءه من الأولاد : المهندس عبد الرحمن ، وخالد ، ومحمد ، وأحمد ، وعبد العزيز؛
وشقيقه إبراهيم النور ، وزوجته ، وشقيقته وبناته.
وصف
شخصَه الأستاذ الأديب علوي طه الصافي ، فقال: «إذا
تعرّفتَ عليه ، وجدته منتصبًا أمامك كرمح إفريقي في طوله ، وإذا ضحك فإنّ له ضحكته
التي تميزه . إذا عرفتَ نشأتَه ودراستَه ، فإنك تستطيع التعرف على جذور ثقافته
التي صاغت عقليته ، فصبغتها بدايته بالثقافة التراثية».
(الجزيرة ، العدد المشار إليه) .
* * *
مجلة
الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . جمادي الثانية - رجب
1427هـ = يوليو - أغسطس 2006م ، العـدد : 6-7 ، السنـة : 30.